الكرهبة متاعي مٌحركها ضْـــعـــف و ما تخطف كان بـــوَحـْــلة... و أصبَحـــت , بسبب ضُــعفها و أعطابها, مـَـحل تـــندر و شمـــاتة من زملائي اللي يستهزؤوا بـــحـــالة سيارتي و بحـــالتي في جُـــــرِتها...
سيارتي نسبيا جديدة و هي من أرقى الأنواع و متأكد اللي هي صالحة للإستعمال في كل آن... و متمسك بيها وما نيش باش نـــــبــــدلها... عكس برشا ناس يسارعوا بتبديل سيارتهم في أول مــطب... و ينكروا فضلها عليهم بسبب جهلهم و تكبرهم وعدم تمكنهم من أبجديات السيارة و كيفية التعامل معها في الأزمات...
إذن ,كيما تعـــرفوا, الميـــكانيك يستوجب دوما الصيانة و الفحص الدوري لإستبدال ما تقادم من القطع ... و أحسن السُــــبل للإستمتاع بمنافع السيارة , هو تعهدها بالعناية بشكل مُنتظم و عدم التغافل عن الأعطـــاب الصغيرة... فما بالك بالكبيرة...
لذلك إستفقت من غفلتي و قررت أن أضع حدا لهذا الإهمال.. وقررت الإتصال بأخصائي للوقوف على العيوب و إصلاحها...
هزيتها لـــمِــكَــانِــيــسْــيــان ... كان يخدم في الخليج وخدم زادة مدة في إيران ... باش يفحصها و يــاقف على أسباب علتها ويجدد القطايع اللي لازم تتبدل باش ترجع لعنفوان قوتها...
هالميكانسيان وخـّــر وقـــدّم و قــــالي : أسمع... أعزك الله... مشكلة هالسيارة تكمن في الغطاء... تغطي فيها كي تخرج بيها ؟؟؟
استغربت و تصورت اللي هو يفدلك ... جاوبت بلهجة ساخرة آمرة : يا ولدي يهديك... حل الكَـــبُــوط و آخدم خدمتك... راهو فيها برشا قطايع مضى عليهم الزمن ويلزم يتبدلوا بصفة دورية...
تلفــــتلي بإستنكار و قال: توا كيفاش يعطيك قلبك و تهمل أصل من أصول سلامة السيارة...الغطاء ...الغطاء... سبب البلاء الكل فالغطاء.... كانك جيت تحترم روحك و تغطي سيارتك بالـــ "بـــاش" راهو ما وصلتش لهالحالة المزرية...
ثقته في نفسه و أستبساله في الدفاع عن الغطاء جعلوني , للحظة, أشك في أمري و أميل للتصديق رغم بساطة تحليله... و قلت في نفسي لعل في الأمر صلة برطوبة الجو التي قد تؤثر سلبا في كفاءة المحرك ...أو لعل الغطاء يحمي الدارة الإلكترونية للسيارة من إشعاعات الشمس ... و أستمررت عبثا أبحث عن صلة بين المُحرك سيارتي المعطبة وبين الغطاء...
عدت إلى رشدي بعد فترة بهتة و قلت له : راهو كرهبتي نحطها عادة في "الباركينغ" , في مكان ضليل... و ساعات حرصا على سلامتها ما نخرجهاش كي يبدا الطقس شهيلي... لكن الميكانيك ديما يتطلب صيانة و جيتك اليوم باش تبـَــدّلـــي ما تقادم من القطع...
كالعادة نظرلي بنظرة فوقية و قال في نبرة تجمع بين الجهل و الثقة في النفس : المُحرك ما يـــتـْــمَــسِــشْ... و الصانع حذر من لمسه أو الإقتراب منه... إذا لُمس المحرك... كان في ذلك نهاية لسيارتك و تهديد لسلامتك... لأن الصانع أتقن تصميمه و أبدع في جمع مكوناته و أحسن صنع وصلاته... أنظر إلى متانته... وصلابة بنيانه... كيف تريد مني فتحه؟؟ كيف سأعيد جمعه بعد تفكيكه ؟؟ أي جرم تدفعني لإرتكابه؟؟ ... أنا ارى أن الخلل في الغطاء... لقد تخليت عــنــه فكان مصيرك أن ضَعُــــف محرك سيارتك... عُـــــد إلى الغطاء... يُصلح الله أمرك و يجعل من سيارتك أقوى إن شاء الله...
عندها فقط, تيقنت من جهله بحرفته و من ضعف إمكانيته و قلت له : ...وإن كنت لا أفهم جيدا في أسرار الميكانيك ... فإن كلامك مردود عليه...أنا لا أطلب منك فك المحرك أو العبث بمكوناته... لكن من أبسط القواعد أن نتعهد هذا المحرك بالعناية... لا تلمس أساسسته إن كنت جاهلا بتكنولوجياته... لكن من الضروري قطعا إستبدال بعض أجزاءه : "البوجيات", "الفيلتر" متاع الهواء و " الفيلتر" متاع المازوت, الزيت متاع الموتور, بعض الوصلات الكهربائية, تفقد الإطارات و هواء العجلات.... و هالــقطايع ليست المكونات الأساسية التي حذر الصانع من لمسها... لكن الصانع شدد على ضرورة إعمال العقل و عدم نسيان الصيانة الدورية و أكد على ضرورة القيام بها للحفاظ على مُحرك السيارة و جعلها صالحة لكل زمان و مكان: للسفر , للبحر, للسهر, للعمل, لتسهيل جميع الأمور... و لكي توصلنا إلى بر الأمان...
نظر إلي متعجبا , و قد أحس بالحنق لأني أتكلم عن حــرفته بما يعكس رأيه... فأضفت قائلا: ... و رغم أني أشك حقا في حكاية هالـــغـــطاء... لأنه فعلا لا وجود لــرابط قوي بينه وبين العلل التي يعاني منها المحرك... قد يكون للغطاء دور ثانوي في الحفاظ على هيكل السيارة... لكن مشكلتي الآن ليست في الهيكل... مشكلتي ليست في مظهر السيارة... مشكلتي في اللـُــب...مشكلتي في المحرك الذي تهالك... و ظاهرلي فيك عجزت عن إصلاحه ... ووقــفـــت حائرا أمام أعطابه... فأنطلقت تـُــــفتي في جدوى الغطاء... مضخما في مزاياه... مدعيا أنه الدواء لكل داء ...
إلا أنه هذا موش موضوعنا توا... و باش نعمل روحي ماشي معاك في الخط و باش نخليك تخدم على روحك و مانيش باش نشكي بيك لمنظمة الدفاع عن المستهلك ...على خاطر كان يشــــلــقـــو بيك... توا تبات في دار خالتك... وهذا موش من باب التعاطف معاك... لكن من باب إيماني بحرية الإختلاف و حرية الغباء....... و برجولية ... صحة ليك...: مادام فمـــا شكون ,في تونسنا العزيزة, اللي أفنينا أجيال في فك الأمية عن أبناءها... مادام مازال فما شكون يسمع برايك و يغطي في سيارته مُعتقدا أنه بذلك يحسن في أداء الموتور الــمْـــبـَـــيّــــل... صـــحة ليك...
بعد هالــــ"ديسكور", خـَـطــّــفـْـت كرهبتي بالدزان, و أنطلقت نلوّج في ثنيتي على ميكانيكي تونسي ذكي... يكون قاري في تونس و متشبع بحرفية أبناءها ... و يكون ذوقه رفيع و ما يتفرجش على الفضائيات الشرقية البترولية بجميع أنواعها... و في نفس الوقت ما يكونش من متتبعي أخبار الساعة8 ... هالميكانيكي النادر هو آخر أمل للقيام بالصيانة الدورية لمحرك السيارة.