جو مـُـــختنق عاشته المـُـــدونات التونسية .. جعل تصفــح البلوغسفار أشبه بتصفح منتديات الحوار البسيطة التي تزخر بها بعض بلدان البترول العربية...
الصراع كان هامشي .. خال من أي نفس فكري .. و التدوينات لامست أسفل القاع.
الإعتداء المجاني و التهكم الرخيص على معتقدات الناس كان السمة البارزة لفئة تخلط بين نقد الفكر الديني و بين العدوان على روحانيات الملايين.
بعض التدوينات سقـــطت في بئر السفاهة و الإنحلال ... أن يتهكم أحدهم على آذان المسلمين بإستعمال أبشع النعوت و أسفل الشتائم , لا يمكن أن يندرج بأي حال من الأحوال تحت خانة حرية التعبير.
الإسلام دين سمح أنتج حضارة لا يشق لها غبار... في أوج الحضارة الإسلامية, برزت فئة مــُـــشككة في دين محمد صلى الله عليه و سلم .. قوبلت أقكارها بتحرك علماء المسلمين للرد على ذلك التشكيك في شكل كتابات رصينة كانت في عصرها تمثل ثورة في الطرح و المنهج و التحليل.
الأمر يختلف في الوضعية التي عاشتها الساحة التدوينية أخيرا ... لم يكن هناك نقد أو تشكيك في دين محمد ... بقدر ما كان هناك إعتداء سافر و سب و شتم ... بشكل غريب و عنيف , يتطلب إيجاد حل...
ما الحل في مثل هذه الحالة المرضية المـُـــستعصية ؟
1- طبعا من المـُـــستبعد تماما أن نطالب بإستعمال بمقص عمار... فهو عدو مـُــشترك نطالب بزواله رغم الداء و الاعداء.
2- أما صياغة ميثاق تدويـــني : فـــــــتبدو فكرة رائعة لكنها لن تحل المشكل: لأن هناك من يدوّن أصلا رغبة في تجاوزكل المواثيق. مستنصرا بإختفاءه وراء شاشة و شخصية وهمية .. متخيلا انه بشتم العقائد يستنهض الهمم النائمة و يستفـــز القراء ليلحقوا بركب نباهته . أضف على ذلك أن فكرة الميثاق ... تذكر بالمواثيق الوهمية التي تصوغها الأحزاب الكرتونية في شكل عبارات فضفاضة و صياغة خشبية .. تجـــف أسرع من الحبر الذي كتبت به.
3- كذلك لا يتطلب الأمر حملة لنصرة الإسلام ... أولا النصرة تعني أن يهب المرء لنجدة أو إعانة جسم ضعيف.. لذلك لا يستوي الأمر في هذه الحالة... لأن الإسلام دين عظيم ... ليس في حاجة لأي شخص لينصـــره..
4- الأقـــرب إلى المنطق أن الأزمة الأخيرة كانت تتطلب حملة لمحو الأمية...
- أ , ب , ج , د , هــ , و , ز ....
- أ , خ , ل , ا , ق ...
- أخـــــــــــلاقٌ ...
- ك, ب ,ت ...
- كـــبـــــتٌ ...
- ض, ي, ا, ع ...
- ضــــيـــاع ...
- كوّن جملة مفيدة :
- " الكبت و الضياع إن إقـــتـــرنا بإنعدام الأخلاق نــــتـــج عنهما تدوينات سافلة. "
التدوينات السافلة التي طفت على السطح مؤخرا لا تعدو أن تكون سحابة رمادية قاتمة و عابرة... إنها كالحمى العرضية التي قد تصيب الإنسان... لكن سرعان ما يشفى منها و يــُـــكـــوّن جسمه مناعة , قد تحقق له قدرا أكبر من الحماية في المستقبل.
لذلك أدعو كل من آلمه حال البلوغسفار و رأى أن الحل قد يكمن في الانسحاب... أدعوه أن يعدل عن رأيه... و أن يواصل التدوين ..و أن يساهم في ملأ الفراغ التدويني بما تـــيــــسـّــــر من التدوينات المعتدلة ....
لا تتركوا مكانا للفراغ... فالفراغ قد يملأه النشاز.