samedi 26 janvier 2008

الخــــميس الأســــود و شـــق طـُــرقات الطــــاعــــة

.

يـُــصادف اليوم ذكرى إضرابات..أو بالأحرى إضطرابات يوم الخميس 26 جانفي 1976 ... و هو تاريخ أول إضراب عام تشهده البلاد التونسية بعد الإستقلال .

في مثل هذا اليوم , إندلعت مواجهات حادة بين قوات الأمن و المـُــتظاهرين التونسيين إنطلاقا من ساحة محمد علي و توسعت بسرعة البرق لتشمل مناطق عـــدة من العاصمة..

فشلت قوات الأمن في السيطرة على الوضع مما استدعى تدخل الجيش ... و أسفرت هذه المواجهات عن عشرات القتلى و الجرحى ...

بعيدا عن المـُـــسببــات و المـُـــخلفات السياسية لهذه الأحداث المؤلمة... يبدو أن هذه الأحداث كانت مـُــنطلقا لأشغال تهيئة عـُــمرانية للأحياء الفقيرة و المنسية بالعاصمة ...هذه الأشغال أملتها بالأساس ثغرات و أسباب أمنية طفت على السطح عقب أحداث الخميس الأسود =

حيث واجهت قوات الأمـــن , في ذلك اليوم المشهود , صعوبات جمة في التصدي للمـُـــتظاهرين الذين تحصّـــنوا بهذه الأحياء الفقيرة الـــمــُـــتـــاخمة للعاصمة آنذاك و التي يـُــسميها البعض بالأحياء الفوضوية .. هذه الصعوبات الأمنية كان مــــردُّها إستحالة دخول آليات الأمن - من سيارات و غيرها- لتعقـُّـــب و مـُــحاصرة المـُـــتظاهرين داخل هذه المناطق التي تفــــتـَــقـِــــرُ للطرقات أصلا ...

الخميس الأسود , كان ناقوس خطر نبــّـــه المسؤولين لضرورة تعهــّــــد هذه الأحياء بالعناية اللازمة على مستوى التخطيط و البنية التحـــتية ..و تمثلت أول الإجراءات في شــق طــُـــرقات الطاعة لتسهيل التدخـُـــلات الأمنية بالسيارات و الآليات إن قُـــدر لهذه الأحداث أن تتكرر.

هكذا إذن, كانت المـــُــعـــالجة بالزفــــت الأسود , برهانا ساطعا على عــــبــــقــــرية فــــذة في إستخلاص الــــعـــبر من أخـــطاء التاريخ و من هـــفوات الأحداث المــُــوجعة

lundi 21 janvier 2008

وميض الإنسانية في وجه إرهاب الصهيونية

شمعة في وجه الظلام:



صرخة في وجه الإرهاب الصهيوني:


و قـُــبلة من أجل الصمت العربي:


mardi 15 janvier 2008

فـــــــــــــارس زمــــــــــــبرة

... تأثـّـــر الفارس بما حـــل بقبيلته, لكنّـــه حاول مع ذلك أن يكبح جماح غضبه... أمـّــا السلطان فأسترخى على أريكته الواثرة... قضم بأسنانه جزءا كبيرا من تفاحة حمراء , و قال بصوت ناعس :- ... ترى إذا أن الطـــيور لن ترسو بأرضنا ؟

أجابه الفارس بحسرة : - فعلا يا مولاي... أهل الصين هــــلــّــوا من كل حدب و صوب... رست سُـــفنهم بـــزمبرة و هم يـُـــعدون العــُـــدة لإقامة معسكراتهم السياحية هناك.

- لكنهم إستشارونا قبل أن يحطوا الرحال.. و بعناها لهم بكثير من المال.

- عفوك يا مولاي... زمبرة ظلت طوال قرون أرضا عذراء, و مطمحا للحالمين و الشعراء.. أنرتضي بيعها و لو للأصدقاء؟

- صدقت يا غلام...لكن الصينين قالوا إنـّـــا لها لحافظون ..و إنـّـــا لــــمشروعنا لـــــدارسون... بحيث سنحافظ على خصائصها كما فعل الأقدمون.

أجابه الفارس بحماسة : - إني أ ُجـِــلُّ أرض قبيلتي عن وصمة البيع و الشراء ... فالأجانب طامعون في عــُــذرية طبيعتها.. و إني أرى شرورا قد قـــدمت و قد حان درؤها..

- ويحك يا غلام ... أتستكثر على قبيلتك جـُـــهد مـُـستثمر ... و أنت تعلم أن ما سيـــضـُـــخـّــُــه من مال في البورصة سيكون مـُـــثمـــر.

- حاشا و كلا أن أكون للإستثمار رافض ...إنما أنا في مسألة البيئة جـِــدُّ مـُــحافظ... فالتنمية إن لم تكن مـُـــستدامة , ستجلب لنا النـــــدامة.

- هذا كلام فضفاض .. أولى بك أن لا تتفوه به إلا في المرحاض.. الصينيون وعــــدونا بالمحافظة على إرثنا... و لا أرى في مشروعهم ما يــُــــهدد عرشنا...

- مولاي.. الرأي عام له تـــحفـُـــظات : الصينيون سيبنون المـُــــنشئات ...بدءا بالفنادق الفخمة و مرورا بالكاباريهات... سيجلبون الإسمنت و الحجارة , و يلطـّـــخون بها صفاء أجمل بــُـــقعة في هذه القارة ... أسعارهم ستكون نار .. و لن يقدر عليها التونسيون الأبرار... أليس في ذلك جـُــرم الإحتكار؟ ... مولاي... الطيور المــُـهاجرة, ستكون لهذه الارض هاجرة... و ثراء النباتات, سيكون عرضة للخراب و الشتات... خلاصة القول: أحوال البيئة ستكون رديئة ... و بعد أن كانت هذه الجزيرة محمية, ستصبح مـُـجرد رقعة مــَـــنـــسية.

قاطعه رئيس الإستثمارات و" الآفاريات " :- إخرس يا جبان ...أتصدح برأيك في حضرة السلطان ؟

أومأ له السلطان بأن يهدأ و قال :- أكمل يا غلام .. مأقتراحك في نهاية هذا الكلام؟

- أحسن ما أراه إلغاء هذا المشروع...و لـــنجتهد في جلب الإستثمارات إلى بقية الربوع... أما المحميات : لا نبيعها مهما كانت الإغراءات... و نورثها للأجيال القادمة دون أن نـُـــسبـّــب لها تشوهات.

أجابه السلطان في حزم:- كيف ؟ و قد وقــّــعنا الإتفاقيات ؟؟

رد الفارس بلغة الفرنجة :

Il n'est jamais trop tard pour bien faire -

همهم السلطان بإزدراء :- كلمتي لا تراجع فيها ... فــالصيني طمــأنني : بأنه للـــطبيعة مـُــحب , و للمحافظة على ثراء الجزيرة مــُــستعـــد.

قال الفارس في يأس:- إذا أرجو من حضرتكم أن تطلبوا من هذا المــُـــستثمر أن ينشر بـــجدية , ما سيفعله للمحافظة على خصوصيات هذه المحمية : إطلاع الرأي العام على تفاصيل المشروع , سـَـــيـُــــسـَـــهــّـِــل الدفاع عن هذه الربوع... كل مواطن سيـُــدلي برأيه... و نـــتـــجنـّــب أن يخرب هذا الصيني الجزيرة بجهله.

أجابه السلطان بحـــنق :- أعطيناك حرية الكلام ... فـــأنطلقت تسرد ما جال بخاطرك من أحلام... أنا عن هذا المشروع لست بمــُـــتراجع, بعد أن قال مستشاري أنه ناجع ... سنعطيهم زمبرة ليبنوها... و نزيدهم أيضا زمبرتة ليُعمـّــروها.

vendredi 4 janvier 2008

مِـــخــْــلـَـب الجـِـهــويّــة


تنهـّــدت النقيب (منى) في إرتياح و هي تدلف إلى سيارة (أدهم صبري) , و قالت في لهجة تبدو السعادة واضحة في نبراتها:

- لقد أعجبيني قضاء أمسية كـُـــروية طريفة بصحبتك, دون ان أخشى أختراق رصاصة لـــرأسي.

- ضحك أدهم في سخرية و قال: هل تثير صحبتي قلقك إلى هذا الحد.

أبتسمت في خبث : لعلك لا تنكر ما نتعرض له من أخطار , كلما انطلقنا معا في واحدة من مبارياتك المفضلة بوجود حكم تونسي...

سألها باسما: و هل في هذا ما يدهشك؟

قطّبت حاجبيها في غضب, ثم لم تلبث ان تسمـّــرت في مكانها حين انطلق مذياع السيارة فجأة, و تصاعدت داخلها أنغام برنامج بالمكشوف...فزوى (أدهم) ما بين حاجبيه, و هو يدير عجلة القيادة إلى اليسار, قائلا: يبدو ان فترة راحتنا قد انتهت يا عزيزتي , إنهم يطلبوننا فورا في الإدارة.

*****

دقّ أدهم باب حجرة مــدير المـُــدونات, انتظر حتى جاء صوت يدعوه للدخول, فدفع الباب و دخل الحجرة...و برغم أن عقارب الساعة كانت تـُــؤكد ان الوقت قد تجاوز منتصف الليل, فقد كان مدير المدونات يرتدي حلته كاملة.. و بدا واضحَ الحيوية و النشاط و هو يشير إلى أدهم بالجلوس قائلا:

أجلس يا (ن-1), هل لديك معلومات كافية عن سجن " الجهوية " ؟

- كل ما أعلمه هو أنه أكثر السجون مناعة في بلادنا اليوم... إنه سجن خفي... لم نتمكن من تحديد مـــكانه بعد ... به شلّة لم ينجحوا في التخلص من خور الغرور و الإنتقاص من قيمة الآخر... و لم يتمكن من الهرب منه سوى أولئك الذين غــلّــبوا صوت العقل و التواضع و الموضوعية...

مطّ مدير المدونات شفتيه, و صمت لحظة اخرى ثم قال: - حسنا يا (ن-1), إننا نطالبك بتقرير مـُــفصل عن هذا السجن..

زوى أدهم ما بين حاجبيه في دهشة و تساؤل, و انتظر إيضاح مدير الـــمـُـــدونات الذي لم يلبث أن تابع قائلا:

- أنت تعلم ان لنا رجلا دائما في المـُــدونات التونسية , و انه يمـُــدنا باستمرار بكل ما يقع بين يديه من وثائق مفيدة..و أخيرا عــثر عميلنا على وثائق تــُــؤكـــد وجود نفس بغيض و تــصرفات مـُــستهجنة من طرف مسؤول رياضي.. وقد كشف عميلنا عن هذا المخطط في مدوّنـتِــه الحارقة , و حين شـَــهـّــر به و حـَـــذّر من سلوكاته و قع ضحية سوء فهم أدّى إلى إتهامه ... و تمـّــت محاكمته بسرعة...

غمغم أدهم في دهشة: - يا إلاهي... لا بُد لنا من إنقاذه...

أومأ مدير المـُـدونات برأسه , قائلا: - لقد نجح في رفع اللـُــبس ...

قاطعه أدهم في عناد: - لا بد من إنقاذه يا سيدي.

- لا تقلق بشأنه يا (ن-1) ...تدريبه يـُــؤهله لأن يحمي نفسه...أملنا الآن في "فرك الرمانة" و الحديث عن هذه المشكلة العويصة حتى لا تنفجر مستقبلا في" التراكن" و تحت الطاولة و في الدقيقة 88من المباريات الترفيهية... لقد قامت فرقة التدوين الصوتي بحوار مـُــدوناتي حول هذا الموضوع... و أفرز البحث أن هذا السجن لا زال مـُــتغلغلا في العقول ... و هدفك الآن البحث عن مصادر تمويل السجن و أستئصاله من الجذور...إنها بإختصار , مـُــهمة مستحيلة يا (ن-1).

نهض أدهم في هدوء وقال في لهجة تفيض عزما و حزما: سأحرّر جميع الأسرى يا سيدي, بإذن الله.

حاول مدير المُـــدونات إخفاء أبتسامة إعجاب أصرّت على الظهور فوق شفتيه, و هو يقول في لهجة.. فـــشل في أن يجعلها صارمة: لقد حصلنا لك و لزميلتك على تأشيرتي دخول إلى حرية التعبير...و ستغادر طائرتكما في السابعة صباحا.

أدّى أدهم التحية العسكرية,و استدار مـُــنصرفا في صمتٍ ... يبدو أنـّــه يَــــســــبــِـــق عاصفة.